
إذا سبق لك اللجوء إلى روبوت دردشة للحصول على دعم نفسي، فمن المحتمل أنك وجدت فيه راحة فورية. ورغم التطور السريع لهذه التكنولوجيا، يظل خبراء الصحة النفسية حذرين من الاعتماد المفرط عليها.
مخاطر وتحديات الذكاء الاصطناعي في الصحة النفسية
أكد مايكل هاينز، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة “دارتموث” والطبيب النفسي في مركز “دارتموث هيتشكوك” الطبي، على ضرورة التعامل بحذر مع هذه الأدوات، قائلًا: “رغم أن النتائج مشجعة، إلا أن أي روبوت دردشة معتمد على الذكاء الاصطناعي ليس جاهزًا بعد للعمل بشكل مستقل في مجال الصحة النفسية، نظرًا لاحتمالية مواجهته لحالات عالية الخطورة.”
وأضاف: “ما زلنا بحاجة إلى فهم أفضل للمخاطر المحتملة المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في هذا السياق.”
لماذا يختلف “ثيرابوت” عن غيره؟
تم تطوير “ثيرابوت” بالتعاون مع مختصين في علم النفس والطب النفسي ليكون أداة مخصصة لدعم الصحة النفسية. وعلى عكس روبوتات الدردشة التقليدية، قدم للمستخدمين ردودًا مفتوحة تشجعهم على الحديث بعمق أكبر عن مشاعرهم ومخاوفهم. كما تم وضع إجراءات أمان خلال التجربة، حيث كان الروبوت قادرًا على رصد أي مشارك معرض لخطر إيذاء النفس وتقديم روابط مباشرة لخدمات الطوارئ.
بعد انتهاء الأسابيع الأربعة الأولى من التجربة، استمر المشاركون – بمن فيهم المجموعة الضابطة – في استخدام “ثيرابوت” لمدة أربعة أسابيع إضافية، ولكن دون أن يبادر الروبوت بإرسال الأسئلة. ومع ذلك، واصل المستخدمون التفاعل معه، مما يشير إلى أنهم طوروا نوعًا من العلاقة والثقة مع الأداة.
بشكل عام، قضى المستخدمون حوالي ست ساعات في التفاعل مع “ثيرابوت” طوال فترة التجربة، وهو ما يعادل تقريبًا ثماني جلسات علاجية مع معالج نفسي. ولوحظ ارتفاع في معدل الاستخدام خلال الأوقات التي تزداد فيها الأعراض عادةً، مثل ساعات الليل المتأخرة.
فوجئ الباحثون بمدى ارتباط المشاركين بالروبوت، حيث علق جاكوبسون قائلًا: “لم نتوقع أن يتعامل الناس مع البرنامج وكأنه صديق، لكنه كان كذلك بالنسبة للعديد منهم.”
وأضاف: “أعتقد أن الناس وجدوا في الروبوت مساحة آمنة للحديث، لأنه ببساطة لا يصدر أحكامًا عليهم.”
رغم ذلك، لم تتناول الدراسة بشكل مباشر مدى تأثير هذا الجانب العاطفي على تخفيف الأعراض، كما لا يزال الباحثون يحذرون من المخاطر غير المدروسة للاعتماد المفرط على هذه التقنية.
اختتم جاكوبسون حديثه بالإشارة إلى أن هذه النتائج تعادل أفضل ما يمكن تحقيقه في العلاج النفسي التقليدي خلال فترات زمنية أقصر، قائلًا: “نحن نتحدث عن إمكانية تقديم علاج مكافئ لأفضل ما هو متاح في النظام الصحي، ولكن خلال مدد أقصر.”
كما حذر من التوسع غير المدروس في هذا المجال، قائلًا: “الكثير من الشركات دخلت هذا المجال منذ إطلاق ‘شات جي بي تي’، ومن السهل تقديم نموذج أولي يبدو واعدًا للوهلة الأولى، لكن الأمان والفعالية لا يزالان غير مضمونين.”
وأضاف: “هذه واحدة من الحالات التي تتطلب إشرافًا دقيقًا، وقدرتنا على تقديم ذلك هي ما يميزنا في هذا المجال.”
تم نشر الدراسة في مجلة “نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن: NEJM AI”.