ما التأثير الاقتصادي المحتمل لرسوم ترامب الجمركية؟ – DW – 2025/4/3

أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسؤوليه في وقت سابق من هذا العام بتطوير التعريفات الجمركية المتبادلة على الواردات إلى الولايات المتحدة، وذلك في إطار الوفاء بوعده الانتخابي “العين بالعين” بشأن مسائل  التجارة العالمية.

وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي: “قررتُ، حرصاً على الإنصاف، أن أفرض تعريفة جمركية مضادة، أي أننا سنفرض أي رسوم تفرضها الدول على الولايات المتحدة الأمريكية. لا أكثر ولا أقل”.

واتسمت عودة ترامب إلى  البيت الأبيض بالعديد من الإعلانات بشأن التعريفات الجمركية، والعديد من التراجعات أيضاً. وشملت القرارات فرض ضريبة إضافية بنسبة 20 بالمئة على الواردات من  الصين  دخلت حيز التنفيذ في آذار/ مارس الماضي، إلى جانب تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على السلع القادمة من كندا والمكسيك المجاورتين تم تعليقها على الأغلب في الوقت الحالي.

كما أعلن ترامب عن فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم، والتي دخلت حيز التنفيذ في 12 مارس/آذار.

لماذا يريد ترامب فرض الرسوم الجمركية؟

لدى ترامب اعتقاد راسخ بأن الولايات المتحدة تُعامل بشكل غير عادل في التجارة العالمية. ويزعم أن العديد من البلدان تفرض رسوماً جمركية أعلى على البضائع الأمريكية مقارنة بالرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة على سلعها “بما يخلق اختلالاً في التوازن”.

فعلى سبيل المثال، تفرض الهند تعريفات جمركية أعلى من الولايات المتحدة بنسبة تتراوح بين 5 بالمئة و20 بالمئة على 87 بالمئة من السلع المستوردة، حسب بيانات “منظمة غلوبال تريد أليرت Global Trade Alert” المعنية بتقييم سياسات التجارة.

ويقول ترامب إنه يرغب في فرض الضرائب على الواردات الأجنبية بما يحقق مبدأ المعاملة بالمثل.

وبالإضافة إلى إجبار القوى الكبرى، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، على خفض رسومها الجمركية، يعتقد الرئيس أن التعريفات الجمركية سوف تعزز سياسته الاقتصادية “أمريكا أولاً” من خلال خفض العجز التجاري للبلاد مع تحسين القدرة التنافسية للمصنعين الأمريكيين.

ارتفاع أسعار الذهب بعد فرض رسوم جمركية

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

وقال ترامب للصحفيين عند توقيعه على الرسوم الجمركية في فبراير/شباط: “هذا ينطبق على كل دولة، وفي الأساس، عندما يعاملوننا بشكل عادل، فإننا نعاملهم بشكل عادل”.

ومع ذلك، أشار خبراء الاقتصاد إلى أن الولايات المتحدة تستفيد من وجود اختلالات تجارية كبيرة مع بقية العالم، حيث يتم استخدام الدولار، العملة الاحتياطية العالمية بحكم الأمر الواقع، في معظم التجارة، وهو ما يوفر رياحاً داعمة كبيرة للاقتصاد الأمريكي.

وتستخدم البلدان تلك الدولارات التي حصلت عليها من التجارة لاستثمارها مرة أخرى في الولايات المتحدة، وغالباً في السندات الحكومية والأسهم والعقارات. ويؤدي هذا إلى إبقاء أسعار الفائدة الأمريكية منخفضة والسماح للشركات والمستهلكين الأمريكيين بالاقتراض والإنفاق أكثر.

ما هي خطة ترامب؟

منحت السلطات الفيدرالية الأمريكية 180 يوماً لتحديد الدول التي تفرض تعريفات جمركية أعلى من الولايات المتحدة والتوصية بفرض تعريفات جمركية على أساس كل بلد على حدة، وفق مذكرة صادرة عن البيت الأبيض.

ومع ذلك، قد تدخل الرسوم الجمركية حيز التنفيذ قبل هذا الموعد النهائي. وقال وزير التجارة في إدارة ترامب، هوارد لوتنيك، إن المقترحات قد تكون جاهزة في وقت أبكر من المتوقع.

وبدلاً من استهداف أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين كما تم يدور الحديث عنه على نطاق واسع، قال ترامب للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في الثلاثين من مارس/آذار إن الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها سوف تؤثر على “جميع البلدان”، بما في ذلك حلفاء الولايات المتحدة المقربين. ولم يوضح كيف سيتم حسابها أو ما يتوقعه في المقابل، لكنه وعد بمزيد من التفاصيل في الثاني من أبريل/نيسان.

وبمجرد الموافقة عليها، يمكن تطبيق رسوم ترامب الجمركية لأسباب تحت ذرائع الأمن القومي، أو التجارة غير العادلة، أو بموجب صلاحيات اقتصادية طارئة.

وتشير حصيلة التعريفات الجمركية الحالية التي أجرتها وكالة “بلومبرغ إيكونوميكس” Bloomberg Economics إلى أن الأسواق الناشئة سوف تكون الأكثر تضرراً، بما في ذلك الهند والأرجنتين ومعظم دول أفريقيا وجنوب شرق آسيا.

وكان البيت الأبيض قد انتقد البرازيل مؤخراً، مشيراً إلى التعريفة الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على الإيثانول بنسبة 2.5 بالمئة في مقابل 18 بالمئة فرضتها الحكومة البرازيلية.

ويريد ترامب كذلك استهداف عوامل أخرى قال إنها تضع المنتجين الأمريكيين في وضع غير تجاري غير منافس، مثل الدعم الحكومي، وضريبة القيمة المضافة، وخفض قيمة العملة، والحماية المتراخية للملكية الفكرية.

الرسوم الجمركية الأمريكية تهدد صناعة السيارات الأوروبية

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

ما هو التأثير المحتمل للرسوم الجمركية المضادة؟

حذر خبراء الاقتصاد من أن التعريفات الجمركية التي أعلن ترامب عنها بالفعل ستؤدي إلى رفع أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة إلى الولايات المتحدة، مما سيؤدي إلى تأجيج التضخم. فبعد موجة من التضخم استمرت لسنوات في أعقاب جائحة كوفيد-19، شهد التضخم في الولايات المتحدة انخفاض كبير.

ولكن في يناير/كانون الثاني 2025، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك إلى 3 بالمئة، وهو أعلى معدل في ستة أشهر. وقدرت وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية للتصنيف الائتماني ارتفاع أسعار المستهلك في الولايات المتحدة بنسبة إضافية تصل إلى 0.7 بالمئة نتيجة للرسوم الجمركية المفروضة على الصين وكندا والمكسيك إذا دخلت الرسوم حيز التنفيذ بالكامل.

ومع الإعلان عنها رسمياً وتنفيذها، يظل من غير الواضح ما هو التأثير الذي قد تخلفه أي تعريفات جمركية على معدلات التضخم في الولايات المتحدة.

وفي حين أن بعض المنتجين وتجار التجزئة المحليين في الولايات المتحدة سوف يستفيدون من استراتيجية ترامب للتعريفات الجمركية، فإنهم سوف يواجهون تكاليف استيراد أعلى للمواد الخام، فضلاً عن اضطراب سلاسل التوريد.

وقد يتضرر المصدرون الأمريكيون من الإجراءات الانتقامية التي يتخذها شركاؤهم التجاريون. وأعلنت بعض الحكومات بالفعل، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والصين، عن اتخاذ تدابير مضادة،في حين من المتوقع أن تحذو حكومات أخرى حذوها.

يُنظر إلى استراتيجية ترامب في فرض الرسوم الجمركية على أنها أداة لإجبار الدول الأخرى على التفاوض بشأن التجارةصورة من: Captital Pictures/picture alliance

كيف ستحاول الدول تجنب التعريفات الجمركية الجديدة؟

أدى لجوء ترامب للرسوم الجمركية إلى تصعيد المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية، كما خلق حالة عميقة من عدم اليقين في العديد من الصناعات وفي العديد من البلدان.

ومن المتوقع أن يؤدي الإعلان عن الرسوم الجمركية المتبادلة إلى إشعال موجة جديدة من المفاوضات التي قد تؤدي إلى تخفيض الرسوم المفروضة على الصادرات الأمريكية. فعلى سبيل المثال، خفضت الهند بالفعل التعريفات الجمركية على عشرات السلع تحسباً لتهديد ترامب. وقال وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري، بعد اجتماع عُقد مؤخراً بين ترامب ورئيس الوزراء ناريندرا مودي في واشنطن، إنه من الممكن التوصل إلى اتفاق لحل المخاوف التجارية خلال الأشهر السبعة المقبلة.

ودعا الرئيس التايواني لاي تشينغ تي إلى “سيناريو مربح للجانبين” في المحادثات مع واشنطن، “ليس فقط لضمان الاستفادة للولايات المتحدة ولكن أيضا لضمان حصول الصناعات التايوانية على فرص للنمو”.

ووصفت المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، التعريفات الجمركية المتبادلة بأنها “خطوة في الاتجاه الخاطئ” وقالت في فبراير/شباط أن بروكسل “سترد بحزم وبشكل فوري ضد الحواجز غير المبررة أمام التجارة الحرة والعادلة”.

وصرح رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، بيرند لانغ، لصحيفة فاينانشيال تايمز بأن مسؤولي الاتحاد الأوروبي على استعداد لخفض الرسوم الجمركية على السيارات لمستويات الولايات المتحدة وشراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال والمعدات العسكرية الأمريكية في حالة تمكن الاتحاد من تجنب التدابير الأمريكية ضد الصادرات الأوروبية.

وعلى سبيل المثال، يفرض الاتحاد الأوروبي تعريفة جمركية بنسبة 10 بالمئة على المركبات المستوردة، في حين أن المعدل في الولايات المتحدة هو 2.5 بالمئة فقط. ومع ذلك، فإن الرسوم الجمركية الأمريكية على شاحنات البيك آب Pick Up والمركبات التجارية أعلى بكثير من الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي.

وبموجب قواعد منظمة التجارة العالمية الحالية، تُطبق أكثر من 160 دولة عضو في المنظمة التعريفات الجمركية دون تمييز، على الرغم من وجود بعض الاستثناءات، مثل اتفاقيات التجارة الحرة والاتحادات الجمركية.

أعدته للعربية: دينا البسنلي

اترك رد